يجب استخدام حقوق السحب الخاصة للشعب في لبنان ، وليس لضمان بقاء الطبقة الحاكمة.

يعلّق صانعو السياسات في مختلف أنحاء العالم آمالهم على حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي من أجل التعافي من الركود الاقتصادي بعد جائحة فيروس كورونا المستجدّ COVID-19. في لبنان، يعمَد صندوق النقد الدولي إلى تخصيص مبلغ 860 مليون دولارًا أمريكيًا من الصندوق، وهو حصة البلد من حقوق السحب الخاصة للدول الأعضاء، المقرّر استلامها في الشهرين القادمين.

إن حقوق السحب الخاصة التي أنشأها صندوق النقد الدولي في عام 1969 أصلٌ احتياطيٌ يمكن تداوله بين البلدان مقابل السيولة أو النقد، كما أنها نوع دولي من العملات الاحتياطية النقدية التي عمل صندوق النقد الدولي على إنشائها وصيانتها كتكملة للاحتياطيات النقدية القياسية الحالية للبلدان الأعضاء. تُحتسب قيمة حقوق السحب الخاصة على أنها سلّة مرجحة من خمس عملات رئيسة (الدولار الأمريكي واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان الصيني الذي انضم إلى مجموعة العملات هذه في عام 2016) في وقت معين وتختلف وفقًا لذلك. تبلغ قيمة حق السحب الخاص الواحد حاليًا حوالى 1.42 دولارًا أمريكيًا.

في كل مرة يقرر فيها صندوق النقد الدولي إصدار تخصيص جديد لحقوق السحب الخاصة، تعمل المنظمة بشكل أساسي بمثابة بنك مركزي دولي. يوزع صندوق النقد الدولي هذه الأصول الاحتياطية على البلدان الأعضاء البالغ عددها 190 بلدًا بما يتناسب مع حصتها في صندوق النقد الدولي ومكانتها الاقتصادية النسبية في الاقتصاد العالمي. لذا فإنّ البلدان الأكثر ثراءً تحصل على المزيد من حقوق السحب الخاصة، بينما تحصل البلدان الأكثر فقراً على عدد أقل.

تعمل حقوق السحب الخاصة بمثابة مبادلة خط ائتمان. عندئذٍ بإمكان البلدان شراء حقوق السحب الخاصة أو بيعها بحسب احتياجاتها، ويتم تخصيصها للبلدان الأعضاء من خلال وكلائها الماليين، البنوك المركزية الوطنية عادةً. إن حقوق السحب الخاصة ليست خالية من الديون، كما يُزعم: كلما سحب بلد ما من حقوق السحب الخاصة له، وجب عليه أن يدفع سعر فائدة لصافي استخدامها. بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من وصفها على أنها شكل "غير مشروط" من أشكال المساعدة، إلا أنها يمكن أن تنطوي على شروط للبلدان المتلقية1، غير مرتبطة بالسياسات الاقتصادية المحلية، لكن يمكن أن تشمل تدابير تقشف تسهيلية واستخدام حقوق السحب الخاصة لجداول أعمال محددة، مثل إنتاج اللقاحات وتخفيف ديون القطاع الخاص والتي تُجرى مناقشتها حاليًا من أجل إصدار حقوق السحب الخاصة المرتقبة في أغسطس المقبل2.

في لبنان، يرحب صانعو السياسة وبعض الخبراء بهذا المصدر من السيولة في البلد الذي يمرّ بأزمة متعددة المستويات و "كساد متعمد". غير أنه نظرًا إلى طبيعة الاقتصاد اللبناني الريعي الذي يشهد انهيار قطاعه المهيمن، القطاع المصرفي، وتخفيض غير منضبط لقيمة عملته وتقاعس الحكومة عن مواجهة الحالة الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة، يمكن استخدام ما يُسمّى بالأموال "غير المشروطة" في تدابير اقتصادية قصيرة الأجل وتعسفية ومجزأة3 وستكون بمثابة استراحة للنظام الحالي. هذا بدوره من شأنه أن يحافظ على الوضع الراهن واستمرار الطبقة الحاكمة الحالية التي ساهمت تاريخياً في الاستحواذ على الموارد العامة، مع تأجيل ضرورة إجراء إصلاحات اجتماعية وسياسية واقتصادية متعمقة.

تشكّك الأصوات المنتقدة عالميًا في عدم اليقين حيال استخدام حقوق السحب الخاصة هذه لتعبئة موارد مالية إضافية وكافية من أجل تخفيف الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الوباء. في لبنان، تقترن هذه الموارد مع الاهتمامات المحلية والوطنية.

بالتالي:

  • ندعو الحكومة اللبنانية لتخصيص مخصصات حقوق السحب الخاصة بشكل واضح؛
  • ندعو الحكومة اللبنانية لإنشاء آليات تشاركية محددة، بما في ذلك خبراء مستقلين وجهات فاعلة من المجتمع المدني، بهدف الإشراف على شفافية إنفاق المخصصات على حقوق السحب الخاصة ومراقبتها؛
  • وندعو الجهات الفاعلة من المجتمع المدني لتوحيد الجهود والعمل كجهة رقابية من أجل مراقبة هذه العملية وضمان استخدام حقوق السحب الخاصة للشعب في لبنان وليس لضمان ديمومة الطبقة الحاكمة.

 

(1) https://som.yale.edu/blog/the-g20-s-impasse-on-special-drawing-rights-sdrs

(2) https://www.brettonwoodsproject.org/2021/04/imfc-communique-analysis-spr...

(3) https://bit.ly/3evhwtc

آخر تاريخ التحديث: 
19/07/2021 - 10:39ص
تاريخ النشر: 
الجمعة, 16 يوليو 2021
قطاع(ات) التدخل: 
سياسات الأعمال والاقتصاد
النطاق الجغرافي: 
National
الدول: 
Lebanon
Signatories: 

Arab NGO Network for Development

Lebanon Support